الأربعاء، 2 يونيو 2010

وليُّ الغرابة - كتب د . محمد الاسدي


وليُّ الغرابة

*د.محمدالأسدي

منذُ حَدْسٍ في زِحامِ المبهَمِ ..

ونبعٍ يُجْهِشُ في ياسمين الظمأِ ..

منذ ظننتُني جئتُ أو اعتقدتُ بوجودي ..

أشارِكُ في سمفونية الهذيان المفضلةِ في الكوكبِ ..

مسهِماً في تلقيح الخواء .. بفاعلية الجدل الدائر ..

تفر أسئلتي .. من ثقبٍ أتوهمه في جمجمتي ..

ورأيتُني في سديم النشأةِ الأولى محتفيا بأضدادي ..

أتهادى من مرتَفَعاتِ الوجودِ والعدمِ مليئاً بالمنزَلَقاتِ ..

مصغيا لزَوالاتٍ تتمضمضُ بي ..

مذّاكَ وقبله وبعده .. آمنتُ بما تظنُّ ..

منذ طعمكَ في حليب أمي ووجهِكَ في إشفاقِ أبي ..

كيف لا أرتِّلُ إعجازكَ وتأريخُكَ مخبرٌ بقيامتي ..

وانزياحُكَ عُمدَةٌ في الكلام ..

كيف أفرِّط في دلالتك

والزمن قارئك الضمنيُّ .. والمَدى خطوتُك ..

وأنت لا تقبل القسمةَ إلا عليكَ .. ولا توصَفُ إلا بك .. ؟؟

وليُّ الغَرابةِ أنا .. أتخلص في عواصم الإشارة من سلطان الحواس .. آخذا بهبوبي .. منذ انكشف الغطاء .. وبلغتُ في الحدوث مبلغ القدم .. و رأيت الأصوات البلورية في السعي ..

وسبابـة الحقيقة تُلَوِّحُ واهنةً تحت خراب المكان .. قرب باب أبواب النهاية .. وشجرة الأحاديث

.. إذ الدم نشيدٌ غامضٌ يتفصَّدُ في الاستغراقِ .. فتصْخَبُ حروفُ الصمتِ العِملاقَةُ .. ويَصْغُرُ العالم حتى يمَّحي .. وأنت باء بسملتي والنقطةُ .. باسمك ابتدأ الفعلُ واتزن الحرف .. وباسمك اضطرَبَتْ خيمة الجدب ودندن ناقوس الأنهار .. تتواصَلُ .. كأنكَ أنتَ .. وصوتك مسندٌ إليك ..

كآخرةٍ تَبْدَأُ .. لونا قابلا للسمع .. وصوتا قابلا للشَّمِّ .. تراتيلُ بثلاثةِ أبعادٍ .. باثٌّ يرسِلُ الخواتيم فتنعقِصُ الأنساقُ .. سيرورةٌ تخرق قانون الكلام .. ومعنىً يُغْلِقُ المعنى .. استشراؤك مضـارعٌ مستمرٌّ .. تَمَرْكُزاً يباغتُ التطفلَ .. وعيا كاسحا للترنح .. رسوخا طاردا للظواهِرِ .. قطبٌ / مُتَّجَهٌ / اكتِفاءٌ / تخَطٍّ / ديمومةٌ .. هكذا تصِلُ الوعْيَ .. هكذا أفهمُكَ .. منذُ خُزامَى صرختِكَ .. منذ عصفِكَ .. عمقا ناخرا في التسطح .. ذروةً تعرج بالحضيض فتفتـن البلاد .. غوايةً تأسـرنا

.. نحن المحاصَرينَ بالضآلـةِ .. العالقين في ظلٍّ سحيق .. نتعلمك .. نظاما يكنس الوجود من الفُوضى .. جُموحا يخلق الاعتدالَ ...

من معدن الثبات أنت .. من التجريد .. من المبدأ .. من الجوهر .. من الماهية .. من التشَكُّلِ ..

من التجلي .. من الصيرورة .. من انعتاقٍ .. مِن تَواصلٍ .. من قليلٍ كثير .. من الإرادةِ .. من رؤيا البدايةِ .. من مزولةٍ لا يهزمها نشََفانُ الضـوء .. من صدورٍ تطعن الرصاص .

ولحظاتٍ تثقب الأزمنة .. من استدلالٍ يبتهجُ بالحُجُـبِ .. من رايةٍ تطمئن بها النبوءات .. وغايةٍ أولها فجر صادقٌ .. وآخرها .. غيابٌ ماثلٌ ..

وأنا منكَ .. مُريدٌ لم يعد من سياحةٍ تتدحرج في رمل اللازورد .. ذهولاً يتعتق في نشوة معرفةٍ .. زرَعْتُ باتجاهكَ عِدَّةَ الشهورِ عندَ اللهِ .. أنا اللامنتمي إلا إليك .. اللامتكيف إلا مع شريعتك .. الشك المتبدد في جلائك .. اليقين المعشوشب في وضوحك .. الحد التائه في رحابتك ... من يتلقاك وأنت معنى المعنى .. بأيِّ الخَوارقِ أُقارِبُ منتهاكَ ؟؟

· شاعر عراقي


العودة للعدد الثالث

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق