الخميس، 3 يونيو 2010

سؤال الكتب المستنسخة ؟ - كتب هيثم جبار عباس


سؤال الكتب المستنسخة ؟


هيثم جبار عباس



بدأت ظاهرة استنساخ المطبوعات في العقد الأخير من القرن المنصرم , ففي الثمانينيات كانت الحكومة العراقية منشغلة بالحرب , إذ إن المثقف العراقي لا يستطيع ان يفكر باستنساخ حرف وليس كتابا , اما في التسعينيات اشتهرت الكتب المستنسخة وخاصة في بغداد , وكان سبب استنساخ الكتب هو سبب سياسي لا غير , حيث كانت الكتب السياسية والدينية هي الكتب الممنوعة , فيضطر بائعو الكتب استنساخ بعضها للاسترزاق أو لأمور أخرى , إلا ان الملفت بعد سقوط النظام لما تزل الكتب المستنسخة , ولهذه الظاهرة أسبابها بالتأكيد , فهناك من يقول ان استنساخ الكتب يرجع إلى ارتفاع أسعار الكتب الأصلية , ففي شارع المتنبي إذا أردت أي كتاب غير متوفر في السوق يستطيع بائع الكتب او صاحب مكتبة ما ان يجلبه لك بطريقة الاستنساخ بسعر قليل نسبيا من سعر الكتاب الأصلي , كـكتاب ( مدن الملح/ التيه ) لــ عبد الرحمن منيف, وثمة من يقول ان استمرار عملية الاستنساخ للكتب هو الحصار الثقافي الذي ُضرب من قبل دول الجوار والدول العربية على العراق بعد سقوط النظام , فهناك هوة شاسعة بين الثقافة العراقية وثقافة العالم , اذ لا يوجد أي تلاقح ثقافي او فكري او معرفي بين الثقافتين , فيلجأ بعض أصحاب المكتبات إلى استنساخ الكتاب الواحد الذي يحصلون عليه بطريقة او بأخرى الى عشرات النسخ , لذا نرى بعض الكتب الأدبية الحديثة معروضة بالاستنساخ , إلا ان بعض المثقفين من يعزو هذه الظاهرة الى وجود صراع فكري بين ثقافتين , فهناك من يروج الى ثقافة الانفتاح على جميع الأفكار ,وهناك من يروج الى ثقافة دينية ترفض الأولى وتكبحها بالقوة , والدليل على ذلك لا يوجد اليوم كتب دينية مستنسخة بل أعيد طبعها من قبل مؤسسات دينية عملاقة بإمكانياتها المادية , وكتبهم الحديثة مستمرة بالطبع والنشر دون استنساخ , كما أكد هذا القول بعض أصحاب المكتبات , حيث قالوا : توجد بعض الجماعات غير الرسمية ممن نصبوا أنفسهم مراقبين على بيع الكتب وعرضها في المكتبات , خصوصا الكتب المناهضة للأفكار العقائدية المتجمدة ككتاب ( محنتي ) للكاتب المصري عباس أبو النور , وكتاب ( الشخصية المحمدية ) لــ معروف الرصافي !!! وهنا نود ان نطرح سؤالا اذا كانت هناك قوة قد غيرت وأزاحت نظاما دكتاتوريا جمد المثقف العراقي على مدى خمسة وثلاثين عاما , وامتص مداده وجعله عرضة للتهميش ,وأصبح هو في وادٍ والعالم بوادٍ آخر , إذن بعد سقوط النظام هل ولدت دكتاتوريات جديدة ؟؟ وأي قوة نحتاج لإزاحتها ؟؟؟ نطرح هذا السؤال .



العــــــــــودة للعــــــــــدد الثالث

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق